المادة    
  1. معنى قول أهل السنة : الإيمان قول وعمل

     المرفق    
    السؤال: ينقل الأخ كلاماً للإمام الحافظ الذهبي رحمه الله من سير أعلام النبلاء (2/15) في ترجمة عبد الله بن حذافة السهمي الذي قصته معلومة مع هرقل، لما قبل رأسه، يقول الإمام الذهبي: '' ولعل هذا الملك قد أسلم سراً، ويدل على ذلك مبالغته في إكرام ابن حذافة.
    وكذا القول في هرقل إذ عرض على قومه الدخول في الدين، فلما خافهم قال: إنما كنتُ أختبر شدتكم في دينكم.
    فمن أسلم في باطنه هكذا، فيرجى له الخلاص من خلود النار، إذ قد حصَّل في باطنه إيماناً ما، وإنما يُخاف أن يكون قد خضع للإسلام وللرسول، وأعتقد أنهما حق، مع كون أنه على دين صحيح، فتراه يعظم الدينين.
    يقول السائل: كيف توفق بين قول الذهبي رحمه الله في هرقل وما هو مدون في عقيدة أهل السنة والجماعة بأن الإيمان قول وعمل؟
    الجواب: أول ما يجاب به: أن الحالات الفردية الخاصة لا ترد القاعدة العامة، والقاعدة العامة معروفة وأوضحها لكم بمثال: القاعدة العامة في الصلاة، قوله تعالى: ((وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ)) [البقرة:238]، هو أن نصلي قياماً؛ لكن العاجز عن القيام يصلي قاعداً، أو على جنبه، فهذه حالة عارضة، وهكذا في جميع الأمور الشيء العارض فيها غير الأصل.
    فالأصل العام هو أن الإيمان قول وعمل، وأن ندعو الناس إلى أن يقولوا ويعتقدوا ويعملوا، لكن قد يأتي حالة عارضة كحالة هرقل هذه، وكأن الإمام الذهبي يقول: خاف هرقل على ذهاب ملكه عندما ثارت عشيرته، فقال: إنما أردت أن أختبر قوة إيمانكم وإلا فإن دينكم هو الحق، والله تبارك وتعالى لا يضيع عمل عامل كائناً من كان.
    يقول: لعل هذا حصل له إيمان ما، وبهذا الإيمان يمكن أن ينجو من الخلود في النار؛ لأن حديث الجهنميين: {أخرجوا من في قلبه أدنى مثقال ذرة من إيمان} وهو شيء لا يرى، فيقول: ربما يكون لـهرقل هذه الذرة التي نحن لا نراها ولا نعدها، فلا يُعد مؤمناً في أحكام الدنيا، والذهبي لم يعتبره مؤمناً أو مسلماً في أحكام الدنيا، وكذلك لم يعتبره ناجياً من النار مطلقاً، إنما تكلم عن الخلود بسبب هذه الحالة.
    فهي حالة خاصة كما ظن رحمه الله وقد لا تتحقق، ولا تعارض بين هذا وبين الأصل الكلي المعلوم عند أهل السنة والجماعة.
    والجواب الآخر: أن الذهبي رحمه الله اجتهد، ولا يعول على الرأي والاجتهاد الفردي في مثل هذه المواضع، ولا حرج في ذلك، ومسألة الإيمان أخطأ فيها بعض التابعين، فلا غرابة أن يخطأ في شيء منها إمام أو عالم من المتأخرين.
  2. القصص وما في نسبتها من أخطاء

     المرفق    
    السؤال: إن بعض الخطباء ذكر عند قوله تعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا)) [الأعراف:201] إن شاباً في عهد عمر رضي الله عنه فعل الفاحشة ثم مات عند ذكر هذه الآية، فما صحة ذلك؟
    الجواب: يبدو لي أن هذه القصة لم يصح وقوعها في عهد عمر رضي الله عنه، وهذا لا يمنع أنها قد وقعت في عهد غيره، كما قد وقعت أشياء للعباد وللتوابين، لكن نسبتها إلى عهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو إلى عهد الصحابة يكون فيه الخطأ، وكثيراً ما نجد في حلية الأولياء وفي غيرها من الكتب، نجد كلاماً لا يمكن أن يقع في زمن النبوة، لكن قد يمكن أن يكون هذا فيما بعد والله أعلم.
  3. ليالي العشاق

     المرفق    
    السؤال: لقد رأيت العشاق في أحد الليالي بعد نهاية مباراة قدم، حيث خرج بشر لا يحصيهم إلا الله، والأمر المبكي أن بعض الرجال خرجوا ومعهم نساؤهم وسط زحمة الرجال، وبعضهم ترى على مظهره ملامح الصلاة، ولكنهم عشاق من نوع آخر، وهم يُطبِّلون ويرقصون، فما رأيكم في هذا؟
    الجواب: ليالي العشق حالة عجيبة جداً لا نستطيع أن نأتي عليها في ليلة ولا في ليالي نسأل الله أن يحفظني وإياكم:
    أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى              فصادف قلباً خالياً فتمكنا
    وأساس العشق هو: خلو القلب من الإيمان بالله، وخلو القلب من الهم الذي يشغله بما ينفعه ويهمه في دنياه أو في أُخراه عن هذه السفاسف والأمور التافهات.
    أما هؤلاء العشاق فهم ليسوا بعشاق ولكنهم دياييث، فالاسم الشرعي للرجل الذي يخرج وتتبرج زوجته، ويراها الناس من أجل مباراة أو غيرها هذا اسمه ديوث، والدياثة درجات -نسأل الله أن يحفظ المسلمين منها جميعاً- أسوؤها أن يعلم الفاحشة في أهله ويسكت عنها، فهؤلاء لا يُعدون من أهل الغيرة في شيء، وليسوا من الإيمان في شيء.
    أما الإسلام -كما هو معروف- فلا نخرجهم منه، لكن لا يمكن أن يكون إنسان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان، وهو يرضى بفاحشة في أهله ويسكت عنها، أو فيمن تحت ولايته نسأل الله العفو والعافية.
    أما من يرضى بالتبرج، ويرضى بالنظرة فهذا له من الدياثة بقدر ما يرضى، ويكون فقد الغيرة بقدره وكلٌّ بحسبه.
    وبعض الناس وصلت به هذه الدياثة وفقد الغيرة إلى أنه يجمل ابنته بنفسه، ويراها تتزين لتقدم برنامج الأطفال أو برنامج كذا وكذا، وربما افتخر بذلك، فهذا ممسوخ! وليس فيه من الغيرة شيء، فهو يرى الناس يتلذذون بالفتاة المسكينة، وربما لا يدري ولا يعلم.
    وبعض الناس يقول: صغيرة، فهذه الآن بنت ثمان سنوات، ثم عشر سنوات ولا زالت صغيرة، ثم ثلاث عشرة سنة وهو يقول: صغيرة، وتبلغ وهي ما زالت في برنامج الأطفال، حتى إذا افتتن بها أحد وسأل بنت من هذه؟ وأين تدرس؟
    قالوا: في مدرسة كذا، فيعاكسها، وأكثر المصائب سببها الدياثة، وهو أنه أخرجها أمام الناس، في برامج الأطفال، وكأن الأطفال لا يحتاجون إلا للطبل والرقص واللهو واللعب.
    إن أطفال علماء السلف الصالح، وخيار هذه الأمة كانوا شباباً في مثل هذا العمر يقودون الجيوش:
    قاد الجيوش لسبع عشرة حجة             يا قرب ذلك سؤدداً من مولد
    قاد الجيوش وهو ابن سبع عشرة سنة، واليوم يقال: ما زال طفلاً صغيراً اتركه يلعب، الرجال في مثل هذا السن قادوا الجيوش من عهد ابن قاسم الثقفي إلى محمد الفاتح الذي فتح القسطنطينية وهو في الرابعة والعشرين من عمره، أي: بعمر ضابط تخرج من الكلية، وهذا يقود أمة، ويفتح البلد التي عجز عنها الملوك والخلفاء قبله، وغير هذا كثير في تاريخنا.
  4. كيفية التخلص من الذنوب

     المرفق    
    السؤال: إنه واقع في ذنب كلما تاب منه عاد إليه، ويقول: إنه بعد أن يعمل المعصية يندم، ثم يزداد الندم عندما يقوم إلى الصلاة، ويعزم على عدم العودة ولكنه يعود، وعندما يصلي يعاوده الندم ويصمم على عدم العودة، ثم يعود إلى توبة وذنب، فأرشدوني فإن الندم يقطَّع قلبي؟
    الجواب: هذا دليل الخير -إن شاء الله- عندما يقف بين يدي الله عز وجل يستشعر كيف يقف وهو ذلك المذنب، كما قالت هذه المرأة: كيف أقوم في البيت بأقدامي وقد فعلت ما فعلت، وفي الحديث: {ما يزال العبد يذنب فيستغفر، فيذنب فيستغفر، والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يغفر له، ويقول: علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب، قد غفرت له} وهذا إن كان صادقاً ونادماً.
    أما إن كان نوعاً من الحيل الشيطانية فليتق الله، وليتب من هذا الذنب، ويبدو لي أن هذا الذنب من ذنوب الشهوات؛ لأن ذنوب الشبهات لا تصل إلى هذا الحد، ولكن هذا من ذنوب الشهوات وخاصة من الشباب، والشهوة لها علاج كما أن الشبهة لها علاج.
    ومن علاج الشهوة: تذكر عظمة الله، وتذكر عذاب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وتذكر ضرر المعصية والذنب في الدنيا والآخرة -وكما أحلنا مراراً على كتاب الداء والدواء فقد تكلم عن آثار الذنوب وخطرها وضررها على القلب وعلى البدن، وعلى حياة الإنسان، حتى فيما بينه وبين الله.
    وبعض العقوبات لا يفطن لها كثير من الناس وهذه من المصائب التي حلت في الذين لم يفقهوا الفقه الرباني الإيماني، أنه يظن أنه ما لم يقم عليه الحد -لا جلد ولا رجم- فلا شيء عليه، والنار لها وقت آخر ويمكن أن يتوب.
    وعقوبات الذنوب أعظم، ومنها: أن يسلب الإنسان لذة قراءة القرآن، وكم من الناس لا يُفكِّر في هذه العقوبة!
    فعلى كل شخص أن يختبر قلبه، لماذا يسمع القرآن ولا يتلذذ لسماعه، ولا يأنس به؟!
    إذاً أنت معاقب يا مسكين عقوبة عظيمة جداً جداً!
    ومنها: أن يبغض الصالحين والأخيار ويحب الفجار والأشرار، فإذا كان في مجلس فيه أخيار لم يحب أن يجلس معهم، وهو لا يدري أنه معاقب، فانظر إلى قلبك: لِم ألف قلبك الذي يعملون بعمل أهل النار ونفر من الذين يعملون عمل أهل الجنة؟
    مقامك في الآخرة أنت تحدده في هذه الدنيا، فإن كنت تريد طريق الجنة فاسلك، وإن كنت تريد طريق النار فهو واضح: {الحلال بيِّن والحرام بين} فالقلب الذي لا يأنس بأهل الخير ويأنس بأهل الفجور والمعاصي فليعلم صاحبه أنه معاقب.
    وقد يُعاقب الإنسان على الذنب بأن لا يتفكر في ملكوت السماوات والأرض، فهو متبلد يرى الليل والنهار ولا يتفكر، يرى النجوم ويرى الكواكب ويرى خلق الله تبارك وتعالى في البر والبحر ولا يتذكر، بل ربما غفل عن هذه الأمور.
    يقول أهل الفجور: الليلة قمر، فلنخرج لنلعب، فهم في لهو ومعاصٍ بدل التفكر والتدبر، بل وبعض ما خلق الله من الطيور ومن الحيوان أصبحت لهواً، يقولون: تعال! نذهب إلى حديقة الحيوان، لنلهو ونلعب، ولو نظر لها من جانب الإيمان لرأى العجب العجاب في خلق الله، لكن الحس -كما يقول ابن القيم رحمه الله-: الحس بهيمي، حتى لو رأى هذا الطائر الجميل أو الشجرة الجميلة فإنه يفكر بكم القيمة لو باعه، ويسأل هل هذا الطائر يؤكل لحمه أو لا يؤكل؟!
    وهذا فيه شيء أبعد من أنك تأكله، هذا فيه جمال، والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جعل في الجمال آية: ((وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ)) [النحل:6] فانظر كيف أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جعل هذا الريش، وركب هذه العيون، وجعل هذا المنقار، أشياء عجيبة من خلق الله.
    حتى في جانب البحر ترى الألوان العجيبة في الأسماك، وليست القضية قضية حيوان يأكل في الماء ويمشي، لو كانت القضية هكذا لكان أي لون يصلح؛ لكن عشرة ألوان في بعضها طراز خاص، وشكل جميل، فتجد الشخص يُفكِّر كيف يصطادها ويأكلها، فهذا حس بهيمي، لكن الحس الإيماني هو أن تفكر وتقول: سبحان الخلاق الذي أبدع وخلق هذا الشيء!!
    وأقول: من العقوبات: ألَّا يتفكر الإنسان في ملكوت السماوات والأرض، فهو معاقب بضيق القلب، ولا يوجد عقوبة أسوء من هذه -والعياذ بالله- وهي أن يموت القلب، فهذا ميت القلب؛ لأنه ألف هذا الشيء المحرم، أما إن كنت تغار على حدود الله، وعلى محارم الله، وتتمنى كما قال بعض السلف لما رأى رجلاً يعصي الله، قال: '' وددت لو أن جسدي قُرِّض بالمقاريض وأنه لم يعص الله '' إن كان هذا شعورك فأنت مؤمن.
    أما إذا كنت ترى المعاصي والمنكرات ولا يهمك هذا، فهذا هو موت القلب، فحقيقة الإيمان: أن تغار على محارم الله، وعلى دين الله، وأن تنكر المنكر ما استطعت، وأقل شيء هو أن تغضب وأن تحزن.
  5. شهادات تقديرية للممتنعين عن بيع السجائر

     المرفق    
    السؤال: وزارة الصحة توزع للمحلات التي تمتنع عن بيع السجائر شهادات تقدير بتوقيع مدير الصحة، فما رأيكم في ذلك؟ الجواب: هذا شيء طيب، إن كانوا يعملون ذلك لوجه الله، ويا حبذا أن يصحبها قرار بمنع استيراد السجائر، على الأقل يكون هذا أنفع للأمة.
  6. سوء الظن وأحاديث المجالس

     المرفق    
    السؤال: بمناسبة الذنوب وخطرها قدمت من خارج هذه البلاد، وكانت فكرتي عنها طيبة جداً، ولكنني عندما أتيت وقعت في وسط مجموعة، لا يجتمع عندها إلا الأخبار السيئة، أي: الزنا والفواحش، وأخذوا يقصون علي، وأنا أدافع عن نفسي، ولكن النتيجة أنني مرضت بسوء الظن، وأصبحت كلما أنظر إلى شخص أظنه كما قالوا لي، وكأنها صدمة لي، خصوصاً أني شاب، فماذا أعمل خصوصاً وقد بلغ بي ذلك المرض أن ألحظ وأكاد أقع في التجسس، وكل ذلك غيرة ونار في قلبي على المسلمين، فأوصني رحمك الله؟
    الجواب: أولاً: نوصي الإخوان كلهم بحفظ المجالس، احفظوا المجالس من هذه الأمور، وانصحوا الناس في خطبكم ومواعظكم ألا يتعرضوا لهذه الأمور، وهذا يدخل في قول الله تبارك وتعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا)) [النور:19]، قوله: ((تَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ)) [النور:15] فمسألة أن فلاناً يزني، وفلانة تزني، هذا الرجل ما مرض إلا من شيء، وحتى الملتزمين عندهم كذا!! وحتى التي تراهن محجبات يفعلن كذا، حتى حتى...!!
    فالرجل هذا قلبه -فعلاً- لو رأى امرأة متحجبة متسترة تطوف بالبيت، يقول: حتى هذه، والذي علمه هو مجالس السوء، خاصة بعض دوائر الموظفين الذين ليس عندهم عمل في كثير من الإدارات -مع الأسف- بيروقراطية، وهذه دخلت علينا في الإدارة، كل اليوم كلام فارغ، كما يعبر عنه العامة: (من السرة وتحت)، كل الكلام فلان وفلان وفلان..! وهذا فيه تزيين للشهوات وتحبيب بها، فمجرد أن يُقال: إن الزنا يقع ويقع ويقع.. من غير دعوة ونصح وإنكار وإرشاد، مجرد ذلك تذكر الناس فيه وتثيرهم لهذا الشيء، وخاصة إذا اقترن بفلان وفلان، والأشخاص والبيت الفلاني، والقرية الفلانية، والحي الفلاني فربما بعض الناس لا يعلم أن هناك مناطق وأحياء، الزنا فيها أسهل من غيرها، فبعضهم يتحدث فيروج لهذه الأماكن، وكذلك الكلام عن مجلات خليعة إن هذا يروج لها عند الآخرين، مجلة اسمها كذا، ومجلة اسمها كذا فتشترى، فما لم يكن الكلام موزوناً وفي محله، ومع من ينكر ويغير فلا داعي لمثل هذه الأمور.
    ثانياً: أنصح هذا الأخ وأقول له: لِمَ الغيرة؟ ولماذا التجسس؟ وهلاَّ اشتغلت بعيوبك!
    والحمد لله رب العالمين.